لو كَنْتَ هُنا

 

قصيدة جديدة للشاعر حسن نجمي

لو كُنتَ هُنا

في ذكرى سفرك الأخير

كُنتَ لتَقُولَ : لا تَنْتَظِرُوا القِيَّامَة !
القيامةُ تَمْشِي حَافيةً في أَزِقَّةِ غ *ز *ةَ
تتكئُ على أنقاضِ البيوتِ
تعدُّ أسماءَ الأطفالِ
كما يعدُّ أَبٌ قنادِيلَهُ المُطفأَةَ قبلَ المَغِيبِ

كنتَ ستَفتحُ دِفتَرَكَ
وتُخْرِجُ أُولٍيسَ مُبْتَلًّا بمِلْحِ الدُّخانِ
فلا يرى الطريقَ إلى إيثاكا
ولا الأبْوابَ المَخْلوعَةَ في حَيّ الشّجَاعِيَّةِ
وبِّنيلُوبّْ تَحُوكُ أقمشةَ الأكفانِ
لتتكَفّلَ بِمَنِ ارتقَوا بخيُوطٍ من ليلٍ طويلٍ

كنتَ سَتَلْمَحُ في العتمةِ
وجوهَ أطفالٍ كأحفادِ الهُنودِ الحُمْرِ
يُسقِطُونَ ظِلالَ الطائراتِ بالحِجارةِ
ويَزرَعُونَ في رُكامِ الأنْقَاضِ
أقواسَ قُزحٍ صغيرةً
كي يَرَى اللهُ الذي يَرَى مَكانَهُمْ

لو كُنتَ هُنا، كما عَرَفتُكَ، كُنْتَ لتَقُولَ:
أنا لستُ ناجيًّا منَ الحَرْبِ
سأَمُرُّ بشَارِعِ الحَرْبِ لأضمِّدَ شِعْري
تلك الحربُ أعطَتْ لغَتِي أسْماءَكُمْ
وأوْدَعَتْكُمْ في سَماءٍ
لا تَصِلُها قَذيفَةٌ

القصيدةُ الآن جريحةٌ، شَاعِرَنا الكبيرَ
والبَحْرُ مُحَاصَرٌ بالأعداءِ
وبمَوْجٍ مكسُورٍ

أُولٍيسْ لم يَعُدْ
وبِّنيلُوبّْ أَحْرَقَتِ النُّولَ وكُبَّةَ الخُيُوطِ
لتُدفٍئَ أيتامَها

أحفادُ الهنودِ الحُمْرِ في غ*ز*ةَ
يرْسُمُونَ الشَّمْسَ عَلى الحيطانِ الوَاقِفَةِ
كي لا يَشْرُدَ النَّهارُ

ونحنُ، على خَجَلٍ، نُحاوِلُ أنْ نَفْعَلَ شَيْئًا
كأَنْ نَكتُبَ أسماءَ الشُّهَدَاءِ في هَبُوبِ الرِّيحِ
وننتظرَ أنْ تَمُرَّ يَدُكَ
فَوْقَ أَيْدِي الغُيُومِ
لتُعِيدَ إلى العَالَمِ
إِيقَاعَ القَصِيدَةِ

  • Related Posts

    افتتاح الدورة الثامنة عشرة للمهرجان الدولي لسينما المرأة بسلا

     افتتحت، مساء اليوم الاثنين بفضاء سينما هوليود، فعاليات الدورة الثامنة عشرة للمهرجان الدولي لسينما المرأة بسلا، بحضور شخصيات من عوالم الفن والثقافة والإعلام. ويشكل المهرجان، الذي تنظمه جمعية أبي رقراق…

    نجاح باهر للعرض ما قبل الأول لمسرحية “التقطيرة” بالدار البيضاء

      شهد مسرح بن مسيك بمدينة الدار البيضاء، مساء الخميس 18 شتنبر 2025، نجاحا لافتا للعرض ما قبل الأول لمسرحية “التقطيرة”، حيث امتلأت القاعة بالجمهور الذي تفاعل بحرارة مع العمل…